قال معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد، إنَّ المؤشرات الاقتصادية والمالية للأداء الاقتصادي لسلطنة عُمان، توضح تجاوز الاقتصاد الوطني مرحلة التعافي من الجائحة إلى مرحلة النمو؛ حيث حقَّق الاقتصاد معدلات نمو ملحوظة، تعزَّزت بفعل جُملة السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وتحسُّن أسعار النفط. موضحًا أنَّ الاقتصاد العُماني شهد خلال الفترة المنقضية من خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021-2023م، تطورات إيجابية متسارعة، أبرزها تحقيقه نموا بالأسعار الحقيقية خلال أول عامين من الخطة بلغ نحو 2.6 بالمائة و9.6 بالمائة، فيما يُتوقع أن يستمر تحقيق معدلات نمو إيجابية، في الفترة المتبقية من الخطة الخمسية العاشرة.
واستعرضَ معاليه، أمس الأربعاء، بيان وزارة الاقتصاد أمام مجلس الشورى، ضمن الجلسة الاعتيادية الخامسة لدور الانعقاد السنوي الأول من الفترة العاشرة، وفق ثلاثة محاور؛ هي: تقييم مسيرة التنويع الاقتصادي حتى منتصف خطة التنمية الخمسية الحالية، وتقييم الأداء الاقتصادي الكلي حتى منتصف خطة التنمية الخمسية الحالية، ودور وزارة الاقتصاد في مواجهة المتغيرات الاقتصاديّة الإقليمية والدولية.
وقال معالي وزير الاقتصاد إنَّ الإجراءات الحكومية الاستباقية لمواجهة تداعيات "جائحة كوفيد 19"، أسهمت في حماية الاقتصاد الوطني من التضخم، والمحافظة عليه في حدود آمنة، رغم الارتفاع الكبير الذي شهدته معدلات التضخم العالمية التي بلغت في المتوسط حوالي 6 بالمائة في العام 2023، بينما لم يتجاوز معدل التضخم في سلطنة عمان 1% خلال الفترة نفسها، وذلك نتيجة السياسات المتخذة للحد من ارتفاع الأسعار، كتثبيت سعر الوقود، ليكون وفقا لأسعار أكتوبر من العام 2021م كحد أعلى، وتوسيع عدد السلع، المعفاة من ضريبة القيمة المضافة.
وأوضح معاليه أنَّ الحكومة لمواجهة التحديات التي شهدها العالم والاقتصاد الوطني خلال عامي 2020 و2021، وما تلاها، تبنت عددًا من السياسات والإجراءات للوصول بالاقتصاد العُماني إلى التعافي من آثار الجائحة، وتحسين الأداء الاقتصادي، ورفع مؤشراته. لافتًا معاليه إلى أنَّ من بين هذه الإجراءات: إطلاق حزم تحفيزية اقتصادية كالإعفاءات الضريبية والتمويل بفائدة منخفضة والدعم المالي المباشر، لبعض المؤسسات المتأثرة...وغيرها من الإجراءات، وتقديم قروض ميسرة للمشروعات للمساعدة في تخطي الأثر الاقتصادي للجائحة، ودعم مباشر للقطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والخدمات الأساسية لضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية، إضافة لإجراءات تعزيز البنية الأساسية الصحية، والتعليمية، بالاستثمار في البنية الأساسية الصحية والتعليمية، بما في ذلك تحديث المستشفيات، والمرافق الطبية، وتوفير التقانة، لتحسين جودة التعليم عن بُعد، وتسهيل الإجراءات، لجذب الاستثمار الأجنبي، بما في ذلك إيجاد بعض التسهيلات الضريبي، وتعزيز التجارة الإلكترونية، والتسوق عبر الإنترنت، عن طريق تطوير البنية الأساسية، للتجارة الإلكترونية، وتشجيع الشركات، والمؤسسات، لتقديم خدمات التسوق عبر الإنترنت، وتحفيز الابتكار، والريادة، من خلال تشجيع الابتكار، ودعم رواد الأعمال، وتوفير برامج تمويل، وتدريب، ومساحات عمل مشتركة، لتشجيع الابتكار وتطوير الأعمال الجديدة.
سوق العمل
وفي سياق استعراضه لسوق العمل والتشغيل، بيَّن معالي وزير الاقتصاد أن سوق العمل والتشغيل يمثل إحدى أهم القضايا التي تتمحور حولها برامج ومستهدفات الخطة الخمسية العاشرة، والتي ركزت على توظيف المواطنين واستيعابهم، ويتم بذل العديد من الجهود من أجل زيادة عدد العمانيين العاملين في القطاع الخاص سواء من خلال التدريب والتعليم بهدف زيادة مهاراتهم المطلوبة في القطاع الخاص، أو من خلال شروط توظيف مرنة.
وأشار معاليه إلى أنَّ إجمالي عدد المشتغلين من العُمانيين ارتفع خلال العام 2021 بنحو 21 ألفًا و62 عاملًا، وفي العام الثاني من الخطة ارتفع إجمالي عدد المشتغلين من العُمانيين بنحو 28 ألفًا و29 عاملًا متجاوزا المستهدف السنوي المقدر في الخطة.
مصفوفة تقييم واعدة
ومن أجل تحديد أولويات المشروعات الإنمائية في الخطة الخمسية العاشرة، أكَّد معاليه أنَّ الوزارة استحدثت مصفوفة لتقييم واختيار المشروعات ذات الأولوية التي تتقدم بها كل الوزارات والمحافظات والجهات الحكومية للمشروعات التي تطلب تنفيذها في موازنة العام المالي. وتهدف المصفوفة إلى وضع محددات لتقييم واختيار المشروعات الإنمائية وفق منهجية واضحة وشفافة يتم من خلالها اختيار المشروعات ذات الأولوية، وفقا لمعايير موحدة لضمان الأثر الاجتماعي والاقتصادي. مضيفا أنَّ الوزارة تسعى لاستحداث وإعداد مؤشر لقياس تنافسية المحافظات يتضمن أبرز المشروعات والأعمال المنجزة.
وأوضح معالي وزير الاقتصاد، أنَّ العام الأول والعام الثاني من الخطة شهد ارتفاعا في الصرف على الموازنة الإنمائية؛ حيث بلغ الصرف الفعلي في موازنة العام 2021م نحو مليار و192 مليون ريال عماني، وفي موازنة العام 2022م بلغ الصرف الفعلي نحو مليار و306 ملايين ريال عماني. ومن المتوقع، أن يبلغ حجم الصرف الفعلي على الموازنة الإنمائية في العام 2023م، نحو مليار و200 مليون ريال عُماني. وهو ما يعكس الاهتمام لتسخير الموارد المالية، لخدمة مشروعات، وأولويات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية.
تحسين الأداء الكلي
إلى ذلك، بيَّن معاليه أنَّ وزارة الاقتصاد تعمل جنبا إلى جنب مع الجهات الحكومية المختلفة على تحسين أداء سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية من خلال العمل على مسارين؛ أحدهما: رفع أداء سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية المدرجة في وثيقة رؤية عُمان 2040، والآخر: رصد التحسن في أهداف التنمية المستدامة 2030. موضحًا أنَّه وفي إطار التخطيط المسبق لرسم ملامح الخطة الخمسية القادمة، الخطة الخمسية الحادية عشرة (2026-2030)، فإنَّ الوزارة ترصد جملة من المتغيرات التي سوف تتعامل معها الخطة؛ حيث تأخذ الوزارة في عين الاعتبار بالمتغيرات الاقتصادية العالمية في ظل التحول الجيوسياسي العالمي، والتوجهات في مجال الطاقة، والاهتمام المتزايد بالاستدامة البيئية والحياد الصفري والهيدروجين الأخضر، وأهمية الاندماج مع التحولات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي والتحديات البيئية والتغير المناخي.
وأكَّد معاليه أنَّ وزارة الاقتصاد ترصد بشكل مستمر المتغيرات الاقتصادية العالمية المختلفة وانعكاساتها على الاقتصاد العُماني، كما تراقب عن كثب كافة المتغيرات الاقتصادية لضمان اتخاذ خِيارات اقتصادية رصينة قادرة على التعاطي مع كافة المتغيرات العالمية. مشيرا إلى أن وزارة الاقتصاد تسعى لتحقيق نمو اقتصادي تنافسي ومتنوع ومستدام وشامل؛ من خلال استقراء الواقع واستشراف المستقبل.
وخلال مناقشات أصحاب السعادة أعضاء المجلس، أوضح معاليه جملة من المشاريع في المحافظات؛ من بينها: تخصيص ما يزيد على 23 مليون ريال عماني لمشاريع ولاية سمائل خلال هذا العام، تتضمن إنشاء توصيل المياه لمنطقة سمائل الصناعية ومستشفى سمائل. وخصصت مشاريع إنمائية لولاية بهلاء بقيمة 18 مليون ريال عماني منها لطريق سنت-الوادي الأعلى ورصف طريق بسياء وغيرها. كما تم تخصيص أكثر من 450 مليون ريال للمشاريع الإنمائية في محافظة مسندم.