قال المهندس المعتصم بن علي بن حمد اليعقوبي المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي "تنويع"، إن مخرجات البرنامج منذ بداية عمله وحتى الآن تضمنت حزمة من السياسات والمبادرات التنفيذية التي تستهدف دعم التنويع الاقتصادي وفق أولويات رؤية عمان المستقبلية ومستهدفات الخطة الخمسية العاشرة، مضيفا أن من أهم هذه المخرجات إنشاء 5 تجمعات اقتصادية متكاملة في عدد من المحافظات، والتي تمثل تحولا مهما في التخطيط التنموي في سلطنة عمان
ونقلة نوعية في جهود التنويع وتعظيم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للمشروعات الكبرى والاستفادة من الميزات النسبية والمكانية لكل تجمع.
وأشار إلى أن برنامج "تنويع" انتهى من اعتماد الإطار العام والإطار المفاهيمي لهذه التجمعات التي تتضمن 5 تجمعات اقتصادية متكاملة في شليم والدقم والنجد وصحار والداخلية، وإحالة ما تم دراسته وتحليله للجهات المنفذة، والتي تعكف في الوقت الراهن على وضع تصور للخط الزمني وخطة العمل التنفيذية وغير ذلك من تفاصيل التنفيذ، مبينا أن مبادرات البرنامج لدعم التنويع تستهدف خلال الفترة المقبلة تحديد القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تمتلك سلطنة عمان فيها ميزات نسبية وفرصا للنمو غير مستغلة حتى الآن، كما يواصل "تنويع" تطوير السياسات المتعلقة بالتنويع والخروج بمبادرات وبرامج تحفيز تساهم في حلحلة التحديات وتعزيز النمو في كافة القطاعات.
وانطلق "تنويع"- الذي تشرف عليه وزارة الاقتصاد- في منتصف 2022 امتدادا لمبادرات التنويع الاقتصادي وانسجاما مع أولوية التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية بمحور الاقتصاد والتنمية في رؤية عمان 2040، إذ تتماشى أهداف البرنامج مع الأهداف الاستراتيجية لهذه الأولوية حيث يركز على 5 قطاعات اقتصادية أساسية للتنويع وهي: الصناعات التحويلية، الأمن الغذائي، والسياحة، والتعدين، والنقل واللوجستيات.
ويستهدف البرنامج دعم أداء هذه القطاعات غير النفطية بما يمكنها من الوصول الى نسب النمو المستهدفة خلال الخطة العاشرة، وتعزيز العلاقات التشابكية بين مختلف القطاعات الاقتصادية الأمر الذي يساهم في التقدم في تنفيذ مستهدفات محور الاقتصاد والتنمية كأولوية خلال الخطة العاشرة التي تعد المرحلة التنفيذية الأولى لرؤية عمان المستقبلية 2040.
وقال اليعقوبي إن البرنامج منذ انطلاقته قام بإعداد نموذجه التشغيلي ومؤشرات الأداء التشغيلية والاستراتيجية وذلك من خلال الالتقاء بالعديد من الجهات والمؤسسات والخبراء على المستويين المحلي والدولي، كما أعد البرنامج حزمة من الأدوات الاستراتيجية التي تساعد متخذي القرار في بناء قراراتهم على أساس علمي مدروس، وأجرى تحليلا للوضع الراهن في القطاعات الاقتصادية المستهدفة كركيزة للتنويع خلال الخطة العاشرة، إضافة إلى القيام بمقارنات معيارية عالمية لهذه القطاعات مع تجارب ملهمة على المستويين الإقليمي والدولي، مذيفا: "استطعنا من خلال هذه الجهود رصد أبرز قصص النجاح في هذه القطاعات والسياسات المطبقة في هذه الدول والحوكمة المتبعة لضمان النجاح، وكذلك أبرز المشروعات الكبرى لكل قطاع، وركز البرنامج أيضا على جانب السياسات الاقتصادية والقطاعية في سلطنة عمان وأبرز التحديات المتعلقة بها، والمهارات المطلوبة في الاقتصاد بشكل عام, وفي القطاعات المستهدفة بشكل خاص وتعزيز هذه المهارات من خلال الاستفادة من التجارب الدولية، كما قام بدراسة البنى الأساسية المتوفرة لكل قطاع وإجراء دراسة حول الوصول للأسواق والإجراءات الحمائية المتعلقة بذلك، وتأتي أهمية هذه الدراسة من دورها في التخطيط المدروس لتعزيز تواجد المنتجات العمانية في الأسواق الإقليمية والعالمية وتحديد الأسواق المستهدفة للتصدير".
وأشار المدير التنفيذي لـ"تنويع" إلى أنه من خلال التحليل والدراسات والأدوات الاستراتيجية التي يستخدمها البرنامج، تم رصد مجموعة من الفرص والتحديات والفجوات وقام بتحليلها وتصنيفها ووضع حلول ومبادرات لحلحلتها وسد الفجوات خصوصا التي من شأنها أن تؤثر على جهود التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان، وقد تم تقسيم هذه الحلول والمبادرات إلى 3 مسارات رئيسية هي: الاقتصاد الكلي، والقطاعات الاقتصادية، والعلاقات التشابكية بين القطاعات، وبعد ذلك أجرى البرنامج دراسة تفصيلية لتحليل سلاسل القيمة بالتعاون مع أكاديمية الابتكار الصناعي ساهمت في الوصول إلى صورة أكثر دقة ووضوحا حول سلاسل القيمة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتحديد الأنشطة الداعمة والمساهمة بشكل مباشر وغير مباشر على طول هذه السلاسل وكذلك الوضع الراهن لكل نشاط منها، موضحا أنه بناء على ذلك تم رصد مجموعة كبيرة من الفرص الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والتي تدعم الاستفادة من المحتوى المحلي بجميع أبعاده، كما اقترح البرنامج حزمة من المخرجات هي التجمعات الاقتصادية المتكاملة وسياسات دعم التنويع الاقتصادي ومبادرات تنفيذية للتنويع، وقام البرنامج بتأطير هذه المخرجات وموائمتها مع جميع الجهات ذات العلاقة وإحالتها إلى الجهات المعنية بالتنفيذ .
وحول هذه المخرجات، أوضح اليعقوبي أن من أهم المخرجات إنشاء التجمعات الاقتصادية المتكاملة وتمكين الشق السفلي لبعض المعادن تدريجيا وتعظيم العائدات الاقتصادية من قطاع الثروة السمكية وتوجيه الأولوية لتوفير الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر لمشروعات الصناعات المحلية ودعم بعض الأنشطة والقطاعات الاستراتيجية والداعمة للنمو ذات الأثر الاقتصادي المرتفع، إلى جانب مجموعة من المبادرات التنفيذية التي من شأنها الدفع قدما بمسيرة التنويع الاقتصادي، مثل تنظيم بيع وشراء المعادن وتكاملية الموانئ البحرية والجوية والبرية وتنويع مصادر استيراد السلع الغذائية الأساسية.
وذكر المدير التنفيذي لـ"تنويع" أن مفهوم التجمعات الاقتصادية المتكاملة يعد نموذجا عالميا لتكامل وترابط القطاعات الاقتصادية ضمن منظومة اقتصادية متكاملة، ويأتي تقديم هذا النموذج في سلطنة عمان لأول مرة بهذا المفهوم المتكامل امتدادا لجهود سابقة تم البناء عليها ومعالجة أبرز ما ظهر من تحديات في نماذج مصغرة سابقة، لافتا إلى أنه تم تحليل سلاسل القيمة لهذه التجمعات الاقتصادية المتكاملة ورصد أبرز التحديات والفرص التي يمكن أن يوجدها هذا النوع من المشروعات الاستراتيجية النوعية، وانتهي "تنويع" من اعتماد الإطار العام والإطار المفاهيمي لهذه التجمعات ورصد التحديات الهيكلية والممكنات المطلوبة للمضي قدما في تنفيذها، كما تم اقتراح نماذج لحوكمة إدارة وتنفيذ هذه التجمعات لتكون واحدة من عوامل النجاح المرجوة، ثم أحال ما تم دراسته وتحليله للجهات المنفذة التي تعكف في الوقت الراهن على وضع تصور لخط زمني وخطة عمل تنفيذية لهذه التجمعات وسيتم لاحقا تحديد الأدوار والمسؤوليات في هذه التجمعات وعقد لقاءات وورش عمل مكثفة حول التنفيذ.
وبين اليعقوبي أن أهمية هذه التجمعات الاقتصادية المتكاملة تكمن في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي والمساهمة في توازن ميزان المدفوعات وإيجاد فرص مستدامة للعمل، وتعزيز القيمة المضافة والمحتوى المحلي، كما ستساهم هذه التجمعات في جهود ترشيد الإنفاق العام وتقليل تكاليف الإنتاج والبنى الأساسية نظرا لتركزها في حيز جغرافي محدد ووجود العديد من المدخلات والمخرجات في منظومة اقتصادية متكاملة أو ما يطلق عليه اقتصاديات الحجم.
وأوضح: "في جانب الاستثمار تعزز هذه التجمعات بشكل كبير جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتحفيز الاستثمار المحلي وتشجيع مشروعات الشراكات المتعددة إضافة إلى إيجاد فرص عديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومع ما تتيحه من تركيز للتمويل والخبرات الفنية والتكنولوجيا والابتكار، ستمثل التجمعات الاقتصادية المتكاملة تحولا نوعيا في التخطيط التنموي وتقدم جهود التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان".
وحول جهود تعزيز الترابطات الأمامية والخلفية بين القطاعات الاقتصادية، قال اليعقوبي: "عمل البرنامج على دراسة وتحليل العلاقات التشابكية لأكثر من 50 نشاطا اقتصاديا مختلفا، وقام باحتساب الروابط الأمامية والخلفية بين جميع هذه الأنشطة بهدف تحديد حجم وقوة الترابط بين استخدام مخرجات أحد الأنشطة كمدخلات لنشاط آخر، وكلما ارتفع الترابط يدل ذلك على فرص أكبر يتيحها التركيز على هذا النشاط من أجل دعم مستهدفات النمو، وكذلك، قام البرنامج باحتساب المضاعفات الاقتصادية لهذه الأنشطة في الإنتاج والقيمة المضافة ومضاعفات الدخل والتوظيف، واستعان البرنامج في النماذج الحسابية لذلك بجدول المدخلات والمخرجات الذي صدر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، وبناء على ذلك تم توظيف هذه المعلومات والبيانات في الخروج بحزمة المخرجات التي توصل إليها البرنامج "تنويع"، وأهمها التجمعات الاقتصادية المتكاملة التي تستهدف بشكل رئيسي تعزيز العلاقات التشابكية بين القطاعات والأنشطة الاقتصادية".
وأكد المدير التنفيذي لـ"تنويع" أن البرنامج يساهم في تحديد المحفزات المطلوبة وربطها بالمستهدفات في مختلف القطاعات، من خلال رصد التحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية وإيجاد الحلول لها، إذ يسعى البرنامج من خلال العمل مع جميع الجهات ذات العلاقة على رصد الفجوات ومواطن التحسين المطلوبة في مختلف القطاعات وتحديد ما من شأنه تحفيزها سواء عبر حوافز مالية أو إعفاءات أو تعديل في سياسات أو تشريعات معينة أو اقتراح حزمة من السياسات التي من شأنها تمكين هذه القطاعات وربطها بمستهدفات تخدم توجهات التنمية وفق رؤية عمان المستقبلية.
وأكد أن البرنامج اهتماما كبيرا بالعمل بشكل منسجم ومتناغم مع البرامج الوطنية المنبثقة من رؤية عمان في مختلف الأولويات والمحاور، كما أن وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 تقوم بدور كبير في الموائمة المستمرة بين أهداف البرامج الوطنية ومخرجاتها ومبادراتها، وذلك بتحديد الأدوار وتعزيز التكامل والخروج بما يحقق المستهدفات الاستراتيجية للرؤية المستقبلية، ويقوم البرنامج بشكل مستمر بالتنسيق والموائمة مع البرامج الوطنية الأخرى والتي تقوم بتنفيذ ما يخرج به "تنويع" من توجهات وسياسات ومبادرات استراتيجية ودعم هذه المخرجات بما يساهم في تحقيق أهدافها المدير ة.
ولفت إلى أن "تنويع" يساهم في تمكين القطاع الخاص ورواد الأعمال والشركات الناشئة، واهتم البرنامج من خلال مخرجاته بتحديد فرص اقتصادية عديدة للقطاع الخاص ولرواد الأعمال خصوصا فئة الشباب، كما تم عقد العديد من اللقاءات مع أصحاب الأعمال في مجالات مختلفة للاطلاع على أبرز ما يواجهونه من تحديات وأوجه الدعم التي تمكنهم من الدور المنوط بهم في تعزيز أداء قطاعات التنويع، مضيفا: "مواكبة لما توليه سلطنة عمان من أولوية كبيرة لتمكين الشباب ودعم أنشطة ريادة الأعمال والشركات الناشئة وتوفير فرص العمل المستدامة في مختلف قطاعات التنويع، نعمل على أن تساهم مخرجات البرنامج في استثمار الطاقات والامكانيات الكبيرة للشباب في جميع المجالات خصوصا في البحث والابتكار وريادة الأعمال، ويشارك البرنامج في العديد من المحافل والفعاليات التي يتواجد بها الشباب العماني للالتقاء بهم والاستماع إلى تطلعاتهم ومن أهمها ملتقى (معا نتقدم) الذي انعقد في فبراير الماضي، كما تطرق البرنامج في مخرجاته الخاصة باستراتيجية المهارات إلى مجموعة من التوصيات التي من شأنها دعم الكوادر الوطنية بالمهارات وتمكينهم في سوق العمل ورفد هذا السوق بالكفاءات العمانية في مختلف القطاعات".
وأضاف اليعقوبي أن جميع مخرجات "تنويع" تؤكد على أهمية البحث والتطوير والابتكار وتقنيات المستقبل، وذلك من خلال وضعها كمكونات هيكلية للمنظومات الاقتصادية التي تعمل حولها هذه التجمعات، وبينما من المستهدف استقطاب مستثمرين استراتيجيين عالميين لتطوير هذه التجمعات، فسيكون ذلك عاملا مهما لجلب التقنيات الحديثة والاستثمارات النوعية ومواكبة ما يشهده العالم من تطورات متسارعة في كافة المجالات ومن أهمها الذكاء الاصطناعي.
وحول المبادرات الجديدة وخطط التحفيز المستقبلية، أوضح المدير التنفيذي لـ"تنويع" أن البرنامج البرنامج إلى الاستفادة من قصص النجاح التي ستتحقق في التجمعات الاقتصادية المتكاملة وتطبيقها في محافظات أخرى وقطاعات جديدة خصوصا الواعدة منها، وفي الوقت ذاته يعمل برنامج "تنويع" على تحديد القطاعات الاقتصادية الواعدة التي تمتلك سلطنة عمان فيها ميزات نسبية وفرصا كبيرة للنمو لم يتم التركيز عليها وغير مستغلة حتى الآن، ويواصل البرنامج من خلال نموذجه التشغيلي العمل على تطوير السياسات المتعلقة بالتنويع الاقتصادي والخروج بمبادرات وبرامج تحفيز تساهم في حلحلة التحديات وتعزيز النمو في كافة القطاعات المستهدفة كركائز لدعم التنويع الاقتصادي خلال الخطة الخمسية العاشرة وما يليها من خطط تنموية وصولا إلى إنجاح مستهدفات الرؤية المستقبلية عمان 2040.